عبدالله فرحان
قمة عربية صينية في الرياض

 

في إشارة لافتة فوض ‏الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وزير  خارجيته سامح شكري بحضور القمة الأميركية الإفريقية في واشنطن، اعتذار الرئيس المصري جاء بعد أيام قليلة من تلقيه دعوة أميركية لحضور القمة، اللافت الأبرز تسبيب الاعتذار بتعارض القمة الأميركية مع القمة الصينية العربية التي تحتضنها ودعت إليها الرياض.

موقف المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية - وهما الدولتان الوازنتان في المنطقة - يضع المتابع أمام تحول استراتيجي في المنطقة والعالم ككل، بين الدعوة لحضور سياسي وأمني صيني فاعل في المنطقة، واختيار توقيت متعارض مع توقيت قمة أميركية إفريقية في واشنطن.

تلتزم الصين (وهي الشريك الاقتصادي الأهم مع دول المنطقة) سياسة أكثر توازنا واحتراما فضلا عن كونها أكثر تشاركية وتعظيما لمصالح كافة الأطراف، تقدم الصين مئات المليارات من الدولارات ضمن استثمارات مبادرة الحزام والطريق في المنطقة وغيرها، تنأى بذاتها عن الانخراط في أزمات المنطقة وتبتعد عن لغة الهيمنة وإشعال الأزمات والصراعات.

يحظى الباندا بشعبية متزايدة في منطقتنا، فيما تحتل منتجات الصين عالية التقنية مساحات أكبر في شوارع ومنازل ومتاجر ومنشآت مجتمعاتنا العربية، وفيما أكتب هذا المقال بواسطة هاتف صنع في الصين يقرأ كثيرون ذات المقال بأجهزة رقمية أخرى صنعت في الصين بل وتحمل علامات تجارية صينية.

إن روح الشباب التي تمسك بزمام القرار في المنطقة تنجذب أكثر إلى حالة التجدد والبعث الصيني، فيما تنأى أكثر بنفسها عن حالة الشيخوخة التي تطال السياسة الأمريكية الغارقة في الدسائس ونفوذ شركات السلاح والنفط وتأثيرات لوبيات ومصالح مختلفة؛ يتعارض كثيرٌ منها مع مصالح وحسابات دول المنطقة.

يملك العرب مخزونا كبيرا من الغضب واليأس والمال من السياسات والتوجهات والوعود الأميركية، تآكل وجهها بنفاق الديمقراطية الغربية وزيف القيم وكذب المواقف والوعود الأميركية، واصطلت المنطقة بألاعيب السي آي أي وتدخلات البنتاجون ودعم الفوضى والصراعات في دولها ومجتمعاتها.

تفتتح الرياض شتاء ساخنا منتصف ديسمبر ٢٠٢٢م، العاصمة التي ظلت لعقود ورقة الولايات المتحدة الرابحة في سباق النفوذ تنبه الامريكان إلى خطأ مقامرتهم بشراكاتهم في المنطقة، والى أن العالم يحتاج فعلا إلى صيغة بعيدة عن الهيمنة المفرطة التي تمثل اليوم تهديدا حقيقيا للاستقرار والسلم الدوليين ومحركا رئيسا للصراعات والأزمات إقليميا ودوليا .

مقالات أخرى