كيف استطاعت قوات الحوثي تحقيق تقدم نوعي في شبوة ومأرب؟

تمكنت “جماعة الحوثي”، خلال الساعات الـ24 الماضية، من خنق آخر معاقل قوات الشرعية في شمال البلاد عبر محافظة مأرب، وتحقيق تقدم في شبوة ببسط سيطرتها على أربع مديريات نفطية استراتيجية في كل من المحافظتين المتجاورتين، في تطور ميداني لافت، عدّه مراقبون انتكاسة عسكرية فادحة تتكبدها مجددا قوات الشرعية.

فبعد أن فشل قوات الحوثي في اختراق الضاحية الشمالية والشمالية الغربية لمأرب عبر الطرق والاتجاهات التقليدية، نجحت الأسبوع الماضي في إحداث خرق جوهري مفاجئ باهظ الكلفة على قوات هادي بسيطرتها على مديريات، هي بيحان، وعين، وعسيلان بشبوة، وحريب بمأرب، في مسعى لبسط سيطرتها على المحافظتين النفطيتين عقب مواجهات محدودة سقط خلالها عدد من القتلى من الجانبين، أبرزهم مدير عام مديرية حريب ناصر القحاطي المرادي.

اقراء ايضاً :
من: اليمن الآن


•عصفوري شبوة ومأرب

واتجهت قوات الحوثي شرقا، وبالتحديد من محافظة البيضاء، التي بسطت سيطرتها عليها أخيرا، وكانت مركز انطلاق عمليات جديدة، بشنها هجوما مباغتا ضد القوات التابعة لحكومة الرئيس هادي، المرابطة أسفل عقبة “القنذع” على الأطراف الشرقية للبيضاء، التي انسحبت عقب مواجهات محدودة تاركة وراءها نحو 80 كيلومترا مربعا من مساحة المديريات الأربع للحوثي، التي عاد لها مجددا بعد ثلاث سنوات من دحره منها.

التقدم الحوثي الذي فاجأ الجميع سعى إلى ضرب عصفوري مأرب وشبوة بحجر هجوم مباغت واحد، في محاولة للسيطرة على الحقول النفطية في مديرية عسيلان بشبوة، وحقول صافر بمأرب، وخنق الأخيرة من جهاتها الشرقية والجنوبية وقطع الطريق الرابط بين المحافظتين المتجاورتين والمحافظات الجنوبية، إضافة إلى الطريق الدولي القادم من السعودية.


•خلل عسكري فادح

في محاولة لاستقراء هذه التطورات من منظور عسكري استراتيجي، يوضح المحلل العسكري اليمني عبد العزيز الهداشي أن ما حدث في حريب وبيحان كان متوقعا؛ لأن قوات هادي فيهما لا تكاد تذكر. ويضيف: “هناك خلل عسكري فادح في مسرح العمليات القتالية”.


•جيش وهمي

ويرى أن معارك البيضاء الأخيرة وصولا إلى انتكاسة شبوة ومأرب، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن عدد قوات الجيش قليل جدا مقارنة بما تحويه الكشوف من أسماء وهمية، كما لا توجد قيادة عسكرية ميدانية ولا غرفة عمليات مشتركة فضلا عن ضعف العقيدة القتالية.
ويرجع ذلك إلى كون أغلب كشوف الجيش الوطني التابع لهادي وهمية تستلم المرتبات فقط، وليس جيشا ميدانيا حقيقيا، وهو ما فهمه الحوثي وعمل عليه.


•حدود عمان لولا الطيران

يتطرق الهداشي إلى الدور الجوي المحوري للتحالف السعودي الاماراتي، الذي يعتبره العامل الرئيس الوحيد الذي حال دون سقوط مأرب وبقية المحافظات. وقال إن “القوة العسكرية للجيش الحكومي أصبحت في غاية الضعف والتشتت، ولولا الإسناد الجوي للتحالف لسقطت مأرب وبقية المحافظات، ووصل الحوثي حدود عمان منذ وقت مبكر”.


•خنق وعزل

ووفقا للهداشي، إن سيطرة الحوثي على حريب، التي باتت رابع مديرية تسقط بيد الحوثيين من أصل 14 أخرى تحت سلطة الشرعية، “تشكل خطرا كبيرا على مأرب من الاتجاه الجنوبي الشرقي، وأول نتائج سيطرته سيكون قطع طريق شبوة – مأرب، وسيسعى الحوثيون لقطع طريق حضرموت – شبوة، وهو خط الإمداد الدولي الرئيس المتبقي لمأرب، بالتالي خنق المحافظة وعزلها إستعدادا للإجهاز عليها”.


•صفرية الخيار

في ظل حالة التوهان والتشتت التي تعاني منها القوات التابعة لحكومة الشرعية، يذهب الهداشي إلى أن الخيارات العسكرية “تكاد تكون صفرية، ما لم تتحرك كافة القوات الآن قبل الغد، واستنفار المقاومة الشعبية والقبائل ودعمها بالسلاح لصد الهجوم الحوثي، وتحويله لهجوم مضاد وتفعيل دور غرفة عمليات واحدة”.


•ليل وبارحة

ولم تكن المرة الأولى التي تسيطر فيها قوات الحوثي على محافظة شبوة ومديرية حريب بمأرب، فقد سبق أن سيطرت عليها في أبريل 2015، واحتلت معظم مديريات المحافظة، ومن ضمنها مدينة عتق مركز المحافظة، لكنها انسحبت من المدينة بعد أربعة أشهر بعد ضغط من “المقاومة”، وأبقت قواتها في مديريات بيحان حتى نهاية عام 2017.


•نحو الجنوب

ويرى مراقبون أن من ضمن الأهداف الرئيسة لإعادة سيطرة الحوثي على محافظة شبوة، استخدامها نقطة انطلاق لوجستي نحو المحافظات الجنوبية، باعتبار شبوة منطقة تتوسط المحافظات الجنوبية، بالتالي سيتخذها الحوثي مقرا لإعداد وتجهيز قواته بكل الأسلحة والإمكانات المادية والبشرية للسيطرة على محافظات أبين وعدن جنوبا، وحضرموت والمهرة شرقا.

وتعد واحدة من بين ثلاث محافظات يمنية منتجة للنفط، إذ تضم حقول وادي “جنّة” في مديرية عسيلان، وتنتج عشرات الآلاف من براميل النفط يوميا، إضافة إلى حقول العقلة وعياذ، شرق مدينة عتق مركز محافظة شبوة، وفي المحافظة مشروع ميناء بالحاف لتصدير الغاز الطبيعي المسال على ساحل البحر العربي جنوبا.

وموقع شبوة الاستراتيجي، وسط اليمن، يجعلها تربط شرق اليمن بغربه وشماله وجنوبه، وللمحافظة حدود واسعة مع عدد من المحافظات اليمنية، وتشرف على ساحل بحري يمتد لأكثر من 250 كم، ناهيك عن مساحتها الجغرافية الكبيرة، إذ تعد ثالث أكبر محافظات الجمهورية اليمنية في المساحة.


•هجوم معاكس

مصدر عسكري حكومي في محور بيحان، اكتفى بالقول إن الجيش يرتب صفوفه وبدأ بشن هجوم معاكس تمكن خلاله من استعادة مناطق السليم والصفراء بمديرية عسيلان، متحدثا عن عزمهم استعادة المواقع التي فقدوها.


•الوجهة إلى “ملعا”

وتشهد الضاحية الغربية والشمالية لمدينة حريب أعنف المعارك بين قوات الشرعية وقوات الحوثي، عقب وصول تعزيزات عسكرية قدمت من مأرب وصفها العريف في اللواء 26 ناصر أحمد، بالضخمة.

وأوضح أن القوات تلقت تعليماتها بالتحرك العاجل لاستعادة المواقع التي سقطت في كل من حريب وعين وبيحان، بحسب اندبندنت.
سكان محليون أكدوا أن الأهالي في مدينتي حريب والوسيعة المتجاورتين اضطروا للنزوح إلى القرى المجاورة، عقب اشتداد المعارك منذ ليل أول الأمس في منطقة ملعا الجبلية، بعد سقوط مقذوفات على منازل المواطنين.