المصدر : مجلة فورين بوليسي الأمريكية - ترجمة خاصة
قال تحليل لمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية إن الحوثيين لم يُردعوا، وأن التصعيد العسكري لن يُنهي الحملة الإرهابية للجماعة.
وأوصى التحليل إدارة ترامب القادمة بالقول: "يجب على الإدارة الأمريكية القادمة استبدال الحملة العسكرية المتعثرة الحالية بحل دائم يخنق مصادر دخل الحوثيين، ومحاسبة الراعي الرئيسي لجماعة الحوثيين: إيران، وأن تطالب الحلفاء والشركاء بالقيام بدور أكبر، بل وبدور رائد، في هذه الجهود وفي حماية الشحن الإقليمي."
واستنتج التحليل - الذي كتبته نائبة سابقة لمدير المخابرات الوطنية، التي شغلت منصب موجز استخبارات الرئيس دونالد ترامب خلال فترة ولايته الأولى: بيث سانر، ومديرة التحليل العسكري وزميلة أقدم في أولويات الدفاع: جنيفر كافانا- أن "هذا الأمر لن يكون سريعا أو سهلا، لكن التحدي الذي يفرضه الحوثيون سينمو فقط بدون إعادة تركيز استراتيجية" ضدهم.
وتابع بالقول: "الإدارة المقبلة ستحتاج إلى خنق الإمدادات العسكرية للحوثيين ودخلهم، الذي يستخدمونه لتمويل إنتاج الأسلحة المحلية والشركات الأخرى، فالحظر البحري الأمريكي، كما اقترح البعض، ليس واقعيا".
وأشار التحليل إلى أنه تم "القبض على حوالي 20 سفينة تهريب إيرانية فقط بين عامي 2015 و2024، ولن تفيد العقوبات الأمريكية الإضافية عليهم أيضا؛ لأن مصادر دخل الحوثيين التجارة غير المشروعة، والضرائب المحلية الصارمة، لا تزال إلى حد كبير خارج النظام المالي الدولي".
واقترح التحليل أن النهج "الأكثر جدوى هو التركيز على تمويل الحوثيين"، بما يشمل "مقدمي الخدمات مثل الوسطاء ودول العالم والمالكين والمنظمات المصنفة"، بالاضافة إلى "نقاط العبور بالتعاون مع الشركاء الإقليميين والأوروبيين والآسيويين. إذ يمكن للرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، الاستفادة من علاقاته الشخصية القوية مع القادة الإقليميين لدفع عُمان والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والهند إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد الداعمين الماليين للحوثيين والشبكات اللوجستية.
وذكر أن "سياسة احتواء الحوثيين تنسجم مع مخاوف الدول الأوروبية وغيرها من الدول الساحلية بشأن الشبكة المتنامية لأساطيل ناقلات النفط الروسية والإيرانية، التي تهرب من العقوبات، والتي تهدد السلامة البحرية"، موضحا أنه "من شأن تقليص نطاق هذا الشحن غير القانوني أن يقطع تدفقا مهما لإيرادات الحوثيين، ويقلل من الدخل النفطي الذي تعتمد عليه موسكو وطهران".
كما أوصى التحليل قائلا: "يجب على واشنطن بناء وجود بحري حقيقي متعدد الجنسيات يهدف بشكل أفضل لاعتراض خطوط إمداد الحوثيين، وتقاسم عبء الدفاع عن حرية الملاحة، وسيكون ذلك أكثر قبولا وجدوى إن جرى بناؤه من قبل القوات البحرية المشتركة، التي تقودها الولايات المتحدة، والتي تتألف من 46 دولة وتركز على مكافحة القرصنة ومكافحة التهريب، بدلا من كونه مهمة منفصلة تختص بالحوثيين فقط. وسيكون من الضروري التفاوض مع الشركاء الإقليميين للحصول على شروطهم موافقتهم بالمشاركة. إذ قد تشمل إحدى الخطوات مساعدة الرياض على إطلاق مجلسها الإقليمي المحتضر، الذي تأسس في عام 2020، للتصدي للقرصنة والتهريب. وتشمل الخطوات الأخرى تعزيز التعاون مع بروكسل ونيودلهي، وفيما بينهما لتعزيز عملياتهما الأمنية البحرية الأخيرة والحالية في المنطقة، ودفع دور تركيا ليكون أكثر مركزية؛ نظرا لنفوذها المتزايد في القرن الأفريقي."
وقال: "في الوقت الذي تكثف فيه هذه الجهود المتعددة الأطراف، يجب على الولايات المتحدة أن تحدد حجم وجودها البحري بشكل صحيح، وأن تزيل المجموعات الهجومية مع الحفاظ على قوة أصغر مناسبة للغرض، مثل عدد قليل من مدمرات الصواريخ الموجهة المدعومة بزوارق دورية أصغر حجما وطائرات مسيّرة بحرية وجوية".
وشدد بالقول: "يجب أن تدعم الجهود أيضا الجماعات اليمنية، وخاصة الحكومة المعترف بها دوليا، التي تعارض الحوثيين. يمكن للدول الإقليمية أن تساعد في بناء دفاعاتها لمنع الحوثيين من الاستيلاء على حقول النفط والغاز في اليمن، الأمر الذي من شأنه أن يصب في تلبية التطلعات الإقليمية للجماعة. قد تضطر واشنطن إلى العمل كظهير محفز، مثل دعم جهود الحكومة اليمنية لقطع إمكانية وصول الحوثيين إلى النظام المصرفي الدولي".
وأضاف: "غير أنه، في نهاية المطاف، يجب على الحكومات المحلية أن تقود المهمة، ويجب أن يكون دور الولايات المتحدة امتدادا لإستراتيجية أوسع لإضعاف نفوذ إيران الإقليمي. وهذا يعني محاسبة إيران، الداعم الرئيسي لأفعال الحوثيين، على هجمات الجماعة؛ من خلال عقوبات اقتصادية ودبلوماسية".
وتابع: "ويجب على الولايات المتحدة وإسرائيل تنسيق أي ضربات عسكرية أخرى على قدرات الحوثيين، ويجب أن يكون العمل العسكري مستهدفا بشكل دقيق تعطيل عمليات الحوثيين إلى أقصى حد، دون إلحاق الضرر بالمدنيين". وزاد: "يفضل القيام بالعمليات السرية، على سبيل المثال ضد سفن الاستخبارات الإيرانية والقادة والممولين الحوثيين الرئيسيين، وهذا من شأنه أن يحرم الحوثيين من الشرعية، التي يتلقونها، من الصمود في وجه الضربات الجوية مع احتمال تحقيق آثار مماثلة".
واستطرد: "ويجب توسيع تبادل المعلومات الاستخباراتية بين الولايات المتحدة وشركائها لإثراء مثل هذه العمليات، ويمكن لمثل هذه الروابط المتبادلة أن توسع نطاق واشنطن بتكلفة منخفضة وتبني علاقات إقليمية، بما في ذلك بين إسرائيل والشركاء العرب، مصممة لتستمر لفترة طويلة بعد انتهاء حملة الحوثيين".
واختتم التحليل قائلا: "لقد حان الوقت لإنهاء حملة الجيش الأمريكي في البحر الأحمر، غير أن استبعاد تهديد الحوثيين تماما سيكون حماقة من الناحية الإستراتيجية".
وأضاف: "فإذا تُرك الحوثيون دون رادع، فيمكنهم بسهولة تعطيل أولويات ترامب الأخرى في الشرق الأوسط، بما فيها توسيع اتفاقيات إبراهام، واحتواء إيران، وفي النهاية سيكون من مصلحة ترامب أن يأخذ التحديات في اليمن على محمل الجد، ويرسم مسارا لإدارتها".