أثقل 20 ساعة على صنعاء

عشرين ساعة مضت كدهر على صنعاء. صمت ثقيل، ترقب موجع، وقلوب مكسورة تنتظر معجزة تحت ركام حي 14 أكتوبر. لم تكن أسرة بتول وحدها من عاش الألم، كانت صنعاء كلها تحبس أنفاسها، تنتظر خروج الأم اليمنية التي قضت تحت أنقاض منزلها، بقصف أمريكي لم يبقي حجراً على حجر، كانت تحلم فقط أن تحتضن طفليها.. لكنها خرجت جثة هامدة.

 

بتول لم تكن مقاتلة، ولم تعرف طريق نيويورك أو دهاليز واشنطن، ولم تكن تعرف حتى كيف يبدو مطار صنعاء.

 

كانت أمُاً لطفلين صغيرين، تحلم ببساطة أن تكسوهما بثياب جديدة لعيد الأضحى بمائتي دولار.

 

لكن قنابل واشنطن، التي تقدر بملايين الدولارات، جاءت لتحرمها من هذا الحلم، وتسلبها حياتها وحياة عائلتها. الطائرات الأمريكية لم تفرق بين جبهة ومعسكر، ولا بين مقاتل ومدني. قصفت منزلاً مأهولاً بالنساء والأطفال، دون رحمة، ودون إنذار.

 

سقطت بتول ضحية في مشهد تكرر كثيراً، ليس في صنعاء وحدها، بل في غزة، في الضفة، في كل أرض تُقاوم الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية. في حي 14 أكتوبر، حيث يقع المنزل المستهدف، والمملوك لرجل أعمال، كان زوج بتول يعيش في إحدى زواياه كحارس، لم يتوقع هو ولا أهالي الحي أن تداهمهم ساعات الرعب والفزع.

 

 

وفي لحظة الفاجعة الكبرى، كانت طفلتها الصغيرة زهراء وشقيقها يبكيان فوق الأنقاض، ينتظران والدتهما، ينتظران حضنها، ينتظران قبلة الأمان التي غادرت ولن تعود أبداً.

 

في غزة يُقتل الأطفال تحت مسمى الحرب، وفي صنعاء يُقتلون تحت مسمى الضربات الدقيقة. لكن الحقيقة واحدة: هذه ليست حرباً ضد الإرهاب، هذه حرب ضد الحياة، ضد الأمهات، ضد كل من يقول (لا) للغطرسة الأمريكية.

 

يا ناس، يا عالم: أي إرهاب في طفلة تنتظر أمها تحت الركام؟ أي خطر كانت تشكله بتول على الولايات المتحدة أو إسرائيل؟ أي قانون دولي يسمح بقصف امرأة في فراشها؟ يا دعاة حقوق الإنسان:

 

هل سترون بتول كما رأيتم غيرها؟ أم أن الجريمة تُغتفر لأن الضحية هذه المرة يمنية؟ بتول لم تكن رقماً في قوائم الحرب، كانت إنسانة، أمُاً يمنية، وكان لديها حلم بسيط، وجاءت قنابل أمريكا لتمحو كل شيء