
طوّر باحثون من كلية طب الأسنان بجامعة تافتس الأميركية طريقة جديدة في مجال زراعة الأسنان توفر تجربة أقرب إلى الإحساس الطبيعي للأسنان من حيث الشعور والوظيفة.
وأوضح الباحثون أن الغرسات «الذكية» الجديدة قادرة على محاكاة الإحساس الطبيعي للأسنان بشكل غير مسبوق، بفضل تقنيات بيولوجية وهندسية متقدمة.
ونُشرت النتائج، الجمعة، في دورية Scientific Reports. وزراعة الأسنان هي إجراء طبي يُستخدم لتعويض الأسنان المفقودة، يجري خلاله غرس دعامة معدنية، عادةً من التيتانيوم، داخل عظم الفك، تُثبّت عليها لاحقاً سنٌّ صناعية تُشبه السن الطبيعي في الشكل والوظيفة.
ورغم فعالية هذا الإجراء في تحسين القدرة على المضغ والنطق واستعادة المظهر الجمالي للفم، فإنه لا يُعوِّض الإحساس الطبيعي؛ نظراً لعدم ارتباط الغرسات بالجهاز العصبي، كما في الأسنان الطبيعية. ولتجاوزِ هذه العقبة، ابتكر فريق البحث غرسة تجري زراعتها عبر إجراء جراحي أقل توغلاً، وتُمهد لإمكانية التواصل العصبي مع الدماغ، على نحو يُحاكي الأسنان الحقيقية.
وشرح الباحثون أن الغرسات الجديدة مغطاة بطبقة قابلة للتحلل الحيوي تحتوي على خلايا جذعية وبروتين خاص يُساعد على تكاثرها وتحولها إلى أنسجة عصبية. ومع تفكك هذه الطبقة،
خلال عملية الشفاء، يجري إطلاق الخلايا والبروتينات التي تُحفّز نمو نسيج عصبي جديد حول الغرسة. كما تحتوي هذه الطبقة على جزيئات مطاطية صغيرة تعمل كالإسفنج المرن، ما يسمح للغرسة بأن تنضغط لتكون أصغر حجماً عند الزرع، ثم تتمدد تدريجياً لتأخذ شكل السن المفقودة بدقة. وتتيح هذه الميزة إجراء جراحياً أقل توغلاً يحمي الأنسجة العصبية المحيطة دون إتلافها. واختبر الفريق هذه التقنية على فئران تجارب، وأظهرت النتائج، بعد ستة أسابيع من الزرع، أن الغرسات بقيت ثابتة دون ظهور علامات التهاب، أو رفض من الجهاز المناعي. كما أظهرت صور الأشعة وجود فراغ مميز بين الغرسة والعظم، ما يشير إلى اندماجها مع الأنسجة الرخوة،
بدلاً من العظم مباشرة، وهو ما يُعزز احتمال استعادة الإحساس العصبي حولها. تجارب جديدة وأشار الباحثون إلى أن الخطوة التالية تتمثل في إجراء دراسات ما قبل سريرية على حيوانات أكبر حجماً لتقييم أمان وفعالية التقنية، إلى جانب اختبار ما إذا كانت الإشارات العصبية الناتجة عن الغرسة تصل فعلياً إلى الدماغ.
ويرى الفريق أن هذه التقنية قد تُستخدم مستقبلاً في غرسات عظام الورك أو إصلاح كسور العظام، ما يفتح آفاقاً واسعة لتحسين جودة الحياة في مجالات متعددة من الطب. ونوه الباحثون بأن هذه الدراسة تمثل خطوة مهمة نحو تصميم غرسات ذكية قادرة على التفاعل مع الجهاز العصبي، بما يعزز التوجه العالمي نحو الطب التجديدي والتكنولوجيا الحيوية الذكية.