
أعلن الدفاع المدني في غزة عن مقتل 93 فلسطينياً على الأقل، غالبيتهم في شمال القطاع، عندما أطلقت القوات الإسرائيلية النار باتجاه أشخاص كانوا ينتظرون الحصول على مساعدات إنسانية.
يأتي هذا الحادث المأساوي في ظل تفاقم ظروف الجوع وتقييد دخول المساعدات واستمرار الحرب الإسرائيلية على القطاع منذ 21 شهراً.
أفاد المتحدث باسم جهاز الدفاع المدني، محمود بصل، لوكالة فرانس برس، بمقتل 80 شخصاً أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات تنقلها شاحنات في شمال غرب مدينة غزة، مؤكداً أنهم قضوا جراء "إطلاق الاحتلال النار".
وفي جنوب القطاع، أكد بصل مقتل تسعة أشخاص قرب مركز توزيع في منطقة الشاكوش شمال غرب رفح، وأربعة آخرين قرب دوار التحلية شرق خان يونس.
من جانبه، ذكر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أن قافلة مساعدات تابعة له، تتألف من 25 شاحنة وتحمل مساعدات غذائية إلى شمال غزة، "واجهت حشوداً ضخمة من المدنيين الجائعين تعرضوا لإطلاق نار"، وذلك بعيد عبورها المعابر مع إسرائيل واجتياز نقاط التفتيش. وشدد البرنامج على أن "أي عنف يطال المدنيين الذين ينتظرون المساعدة الإنسانية غير مقبول على الإطلاق"، داعياً "لحماية كل المدنيين والعاملين" في المساعدات.
على النقيض، شكك الجيش الإسرائيلي في الحصيلة، قائلاً إن الجنود أطلقوا "نيراناً تحذيرية لإزالة تهديد مباشر".
تصف شهادات المدنيين الوضع المروع، حيث قال قاسم أبو خاطر (36 عاماً) من مخيم جباليا شمال غزة لوكالة فرانس برس: "المشهد صعب جداً.
آلاف المواطنين متجمعين يحاولون الحصول على الطحين.. تزاحم وتدافع مميت لنساء ورجال وأطفال". وأضاف: "وصلنا لمرحلة وكأننا أموات لا أرواح فينا.
الدبابات تطلق القذائف بشكل عشوائي علينا وجنود الاحتلال يطلقون النار.. عشرات الناس استشهدوا أمام عيني ولا أحد يستطيع إنقاذ أحد".
من جانبه، أفاد حسن رضوان (41 عاماً) من الشجاعية: "حصلت على كيس طحين بصعوبة والموت يرافقني بأي لحظة كان من الممكن أن أموت بسبب إطلاق النار الكثيف"، مضيفاً أن "غزة تموت بكل معنى الكلمة".
أظهرت لقطات مصورة لوكالة فرانس برس سيارات إسعاف تقل جرحى إلى مستشفى الشفاء في مدينة غزة، بينما تكدست الأكفان على الأرض في محيط المستشفى، وبكى أطفال ذويهم وأقاربهم ممن انتظروا المساعدات وقتلوا أثناء ذلك.
دفعت الحرب والحصار الإسرائيلي بسكان القطاع الذين يزيد عددهم على مليوني شخص إلى شفا المجاعة، بحسب ما تؤكده الأمم المتحدة ومنظمات دولية.
وبات مقتل مدنيين ينتظرون الحصول على مساعدات مشهداً شبه يومي، حيث تتهم مصادر محلية وشهود إسرائيل بإطلاق النار باتجاه الحشود خصوصاً قرب أماكن توزيع المساعدات التي تديرها "مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة. وقد ذكرت الأمم المتحدة هذا الأسبوع أن نحو 800 شخص قتلوا أثناء انتظارهم المساعدات منذ أواخر أيار/مايو.
بدأت "مؤسسة غزة الإنسانية" عملياتها أواخر أيار/مايو بعد حصار شامل فرضته إسرائيل لأكثر من شهرين، منعت خلاله دخول أي مساعدات أو سلع على الرغم من تحذيرات الأمم المتحدة ومنظمات دولية من خطر المجاعة الوشيك.
حمّلت حماس إسرائيل والإدارة الأميركية "المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم"، مطالبة بفتح تحقيق دولي عاجل "في الآلية الأميركية الإسرائيلية المشبوهة لتوزيع المساعدات، والتي تحوّلت إلى آلية للقتل الممنهج للمدنيين".
وفي ختام صلاة "التبشير الملائكي" الأحد، وجه البابا لاوون الرابع عشر نداءً للوقف الفوري لـ"همجية الحرب"، داعياً إلى "حل سلمي للصراع".
كما دعا إلى "ضمان القانون الإنساني وحماية المدنيين ومنع العقاب الجماعي واللجوء العشوائي إلى القوة والتهجير القسري للسكان".