إب - الجمهورية اليمنية: 14 اغسطس 2025م
عبدالغني اليوسفي
في خطوة تنموية واجتماعية بارزة، اختتمت مؤخراً بنجاح المرحلة التنفيذية لمشروع حيوي طال انتظاره في محيط "جسر وادي الجنات" (وسط وادي السحول)، الشريان الرئيسي الرابط بين العاصمة صنعاء والمحافظات الجنوبية. هذا المشروع، الذي بدأ العمل الميداني الفعلي فيه بين سبتمبر ونوفمبر الماضيين، يمثل قصة صمود مدعومة بقرار قضائي، ودرعاً واقياً يحمي الطريق الاستراتيجي وآلاف الأراضي الزراعية من خطر السيول الجارفة القادمة من جبل بعدان الشاهق.
حماية شريان المسافرين
يعتبر جسر وادي الجنات، الواقع شمال مدينة إب وسط وادي السحول، نقطة محورية على خط (صنعاء - إب - تعز - عدن). لطالما شكلت السيول العنيفة المنحدرة من شمال غرب جبل بعدان تهديداً مستمراً بتآكل الأراضي المجاورة، وتهديداً بانهيار الجسر ذاته، وفقاً لتحذيرات سابقة لمسؤولي الطرق.
المشروع، وهو عبارة عن بناء جدار ساند بطول 198 متراً وارتفاع يصل إلى 5.5 متر، جاء بمبادرة وتمويل ذاتي من رجل الأعمال والمغترب عبد محمد مسعد قرين، وتجاوزت تكلفته التقديرية 130 مليون ريال. ويهدف بشكل مباشر إلى:
حماية البنية التحتية: تأمين جسر وادي الجنات والطريق العام من الانهيار المحتوم جراء النحت المائي.وحماية الاراضي المغتربين .
صون الثروة الزراعية: وقف انجراف وتآكل الأراضي الزراعية الخصبة للمواطنين والمغترب قرين نفسه.
دعم الاقتصاد: يُعد المشروع نموذجاً للاستثمار الخاص الذي يتبنى معايير التنمية المستدامة، وساهم في تشغيل عشرات العمالة المحلية وتحويل العملة الصعبة، مما يدعم الاقتصاد الوطني.
⚖️ أربع سنوات من التقاضي: انتصار العدالة للمغترب
لم يكن طريق تنفيذ المشروع ممهداً، بل واجه تحديات وعراقيل بيروقراطية وعمليات "تعطيل" استمرت لقرابة أربع سنوات، بدأت فكرتها عام 2020م. وذكر يحيى الجماعي، وكيل المغترب ومسؤول لجنة المغتربين بالمحافظة، أن المبادرة تعرضت لـ "الفساد والنافذين وأصحاب التقارير الكيدية"، مما دفع إلى اللجوء للقضاء.
بعد رحلة تقاضي طويلة، أنصف القضاء المغترب، حيث صدر الحكم الابتدائي رقم (13) لسنة 2023م، وتم تأييده بقرار بات من محكمة الاستئناف برقم (180). وبناءً على هذه الأحكام النهائية، أصدرت محكمة شرق إب، برئاسة القاضي هاشم المشرف، توجيهات التنفيذ في سبتمبر 2025م، مع مطالبة الجهات الأمنية بتوفير الحماية لضمان سير العمل.
يمثل هذا الحكم رسالة طمأنة حول فعالية القضاء في حماية حقوق المغتربين واستثماراتهم، ويؤكد المغتربون أهمية تفعيل القانون (34) لسنة 2002م، المادة (22)، التي تعتبر قضاياهم ضمن القضايا المستعجلة، داعين إلى إنشاء محاكم نوعية خاصة بقضايا المغتربين في مناطق تواجدهم.
🤝 إشادة رسمية ودعم السلطة المحلية
حظي سير العمل في المشروع بزيارات تفقدية مكثفة من قيادة السلطة المحلية بمحافظة إب، الأمر الذي يؤكد الاهتمام الرسمي بحماية البنية التحتية والاستثمارات المجتمعية.
الوكيل الفني: تفقد وكيل محافظة إب للشؤون الفنية، عبدالواحد أحمد محمد (المروعي)، موقع العمل مشيداً بالإنجاز، ومؤكداً أن المشروع "يسجل للمغتربين". ونقل المروعي مباركة السلطة المحلية والمحافظ، مشدداً على دعم الاستثمار الزراعي والحفاظ على البنية التحتية، ودعم المشاريع الصغيرة لمواجهة التحديات الاقتصادية. كما أكد أن "السائلة تسير في مجراها الطبيعي، حسب المخطط العام" وفقاً للمتفق عليه في "محاضر الجات" التي كانت مرجعاً للقضاء.
وكيل المغتربين: كما قام وكيل المحافظة لشؤون المغتربين، راكان النقيب، بزيارة تفقدية موسعة، واصفاً المشروع بـ "الدرع الواقي" الذي يحمي الأراضي الخصبة والجسر الحيوي. وأشاد النقيب بمبادرة المغترب عبده قرين، معتبراً إياها تجسيداً لـ "أسمى معاني روح التكافل والمسؤولية المجتمعية". كما أكد التزام قيادة المحافظة بـ "تعزيز الشراكة مع المبادرات المجتمعية الفاعلة" لتعزيز صمود المجتمع.
رافقت الوكيلين في جولاتهما قيادات ومختصون، من بينهم مستشار المحافظة وعضو لجنة المغتربين عبد الغني اليوسفي، والشيخ ناجي وازع نجاد، ونائب مدير مكتب الأشغال طه المغني.
وفي الختام، يُكتب فصل جديد لمسيرة "جسر الحياة" في وادي الجنات، حيث تتحول إرادة المغتربين والمجتمع، مدعومة بإنفاذ القانون، إلى واقع ملموس، ليظل الجدار الساند شاهداً على انتصار الإرادة وتضافر الجهود في وجه تحديات الطبيعة والعوائق البيروقراطية.



جميع الحقوق محفوظة لموقع اليمن السعيد ©