عبدالله فرحان
هكذا تكلم كونفوشيوس

 


إلى أوكرانيا .. حيث يقف المتابع أمام مشهدين، في المشهد الأول تصب الولايات المتحدة الزيت على النار، تعمل على إضعاف الجميع بالجميع، فيما المشهد الآخر يعرض ديبلوماسية الباندا الناعمة.

تحاول الولايات المتحدة الأمريكية - البعيدة جغرافيا عن ساحة الحرب في أوكرانيا والقريبة من أسبابها ووقودها - الاستثمار في الحرب إلى حدها الأبعد، إضعاف الأوروبيين أكثر وزيادة اعتمادهم على الحماية الأمريكية وتخويفهم من الروس وإبعادهم عنهم، وتعطيل مشروع الحزام والطريق الصيني الذي يمر بالقرب من المنطقة وتشكيل مشهد مختلف فيها.

جون كيربي الناطق بإسم البنتاجون أشار إلى أن الولايات المتحدة تقوم بتسيير ثمان إلى عشر رحلات جوية إلى أوكرانيا للإسناد العسكري، يسهم ذلك في استمرار الحرب لاستنزاف الجميع خصوصا الأوكرانيين أنفسهم حيث تدور الحرب ويدفع الملايين فاتورتها الباهضة، وهو ما أكدته تصريحات كيربي بأن الحرب في أوكرانيا ستكون طويلة ودموية.

تعمل الولايات المتحدة -على نحو غير عادل- لابقاء على العالم تحت مظلتها الضيقة، وهي تضغط على العالم - بما في ذلك على الصين - لاتخاذ مواقف متطرفة في الأزمة الأوكرانية، ترفض ذلك الصين التي تعتقد أن العالم أكبر من أن يرزح تحت إبطي النسر الأمريكي ورحمة سهامه الأربعة عشر، وديماجوجية نظريات نهاية التاريخ وصدام الحضارات.

يستند موقف الصين إلى تاريخ دبلوماسية الباندا القائم على عدم الانخراط المباشر في الأزمات والبقاء على مسافة متوازنة من الأطراف، وعلى الدعوة للحوار لتجاوز الصراعات، لذا فإن الصين عبرت عن موقفها من الأزمة الأوكرانية ببيان دعى إلى احترام سيادة الدول، وسلامة أراضيها، والالتزام بأهداف ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه، ومعارضة لغة الهيمنة، وحماية الحقوق والمصالح المشروعة للدول النامية، ودعت إلى”رؤية أمن مشترك، شامل، تعاوني، ومستدام“.

وفيما ترسل الولايات المتحدة طائرات الذخائر والأسلحة، راحت الصين ترسل طائرات المساعدات الانسانية والغذائية، عارضة وساطتها في حل الأزمة داعية إلى وقف إطلاق النار، مؤكدة أن فرض العقوبات وإرسال الأسلحة لن يجلب السلام إلى أوكرانيا، بل هو صب للمزيد من الزيت على النار.

لا تريد الصين إزاحة الولايات المتحدة عن المشهد، بقدر ما هي حريصة على بقاء الدور الأمريكي في العالم، مع تصحيح النظام العالمي والعودة إلى كثير من الأسس التي لطالما نادى بها الغرب ورفعت شعاراتها، كما تتشارك الصين مع العديد من القوى الصاعدة دعوات استيعاب التغيرات الاقتصادية والأمنية في العالم نحو نظام عالمي أكثر انفتاحا وعدالة.

مقالات أخرى